تعتبر ظاهرة الغش التجاري وتقليد المنتجات من أخطر الظواهر العالمية وأكثرها إضرارا بالأفراد والمجتمعات، نظرا لتأثيرها السلبي على النمو الاقتصادي وعلى روح الابتكار وحقوق الملكية الفكرية، ونظرا أيضا لامتداد مخاطر ومضار المنتجات المقلدة إلى صحة المستهلك، حيث لم يكتف المزورون بتزييف الأوراق النقدية وتقليد الألعاب والملابس والأجهزة الكهربائية، بل عمدوا أيضا إلى تقليد الأدوية والأطعمة والمشروبات وقطع غيار السيارات، وغير ذلك مما يمس بشكل مباشر وغير مباشر الصحة العامة والسلامة الشخصية.
والأرقام الدالة على ذلك تعتبر جد معبرة. فقد قدرت -على سبيل المثال- الخسائر العالمية الناتجة عن غش وتقليد الأغذية والمشروبات ومواد التغليف الخاصة بها بحوالي خمسين مليار دولار سنوياً. وفي مجال الصناعات الدوائية، فقد قدر حجم الخسائر المادية الناتجة عن غش الأدوية فقط في دول الاتحاد الأوروبي بحوالي عشرة مليارات يورو.
وقد ساعدت ظاهرة العولمة وزيادة النشاط التجاري عبر الإنترنت أو ما تعرف بالتجارة الإلكترونية على زيادة رواج وتفشي هذه الظاهرة، وعلى ظهور جيش بارع من المزورين قادر على محاكاة المنتج الأصلي ببراعة وإنتاج نسخة أخرى مقلدة عالية الجودة يصعب جدا كشفها أو تمييزها عن النسخة الأصلية.
"على الرغم من الجهود والتدابير الكثيرة المتخذة على الصعيدين المحلي والعالمي لمحاربة الغش التجاري ووقف عمليات التزوير والتزييف، فإن هذا لم يفلح في القضاء على هذه التجارة أو حتى الحد منها"
وعلى الرغم من الجهود والتدابير الكثيرة المتخذة على الصعيدين المحلي والعالمي لمحاربة الغش التجاري ووقف عمليات التزوير والتزييف، فإن هذا لم يفلح في القضاء على هذه التجارة أو حتى الحد منها. وهذا يعود إلى وجود أكثر من عامل محفز ومشجع على زيادة نشاط هذه التجارة وأساليب التقليد والغش التجاري بشكل عام، منها الربحية المرتفعة للبضائع المقلدة، وضعف الرقابة والإجراءات والتشريعات المجرمة في معظم الدول خاصة الفقيرة، وانتشار مناطق التجارة الحرة وبقية المنافذ التي يمكن من خلالها تسرب المنتجات المزيفة إلى المنافذ والأسواق التجارية القانونية، وهذا فضلا عن عدم فعالية التقنيات الحالية المستخدمة في مجابهة وكشف عمليات الغش والتزييف.
ولعل هذا هو السبب في تزايد الحاجة إلى حلول مبتكرة وتقنيات جديدة وناجعة لمواجهة ظاهرة الغش التجاري وكافة العمليات المقترنة بها. وفي هذا السياق تمثل تقنية النانو أحد الحلول الواعدة التي يمكن أن تحدث تحولا جذريا في نسب انتشار المنتجات المقلدة وعمليات الغش والتزييف بكافة أنواعها، خاصة مع التطور المستمر في تطبيقات هذه التقنية ومع الانخفاض المتوقع في تكلفتها مستقبلا، فضلا عن صعوبة تقليدها أو نسخها من قبل المزورين والمهربين، وهذا هو الأهم.
0 التعليقات لموضوع "تقنية النانو.. آفاق جديدة لمكافحة التزوير والغش"
الابتسامات الابتسامات